ريادة الأعمال في مرحلة ما بعد الأزمات: الدروس العالمية وخطة عمل لسوريا

Written by Startupji Editors | Jun 9, 2025 2:43:11 PM

في أعقاب أكثر من عقد من الصراع الذي دمّر البنى التحتية وشلّ الاقتصاد، تواجه سوريا اليوم تحديًا وجوديًا: إما أن تُعيد بناء نفسها عبر ريادة الأعمال، أو تظلّ أسيرة حلقة مفرغة من التبعية. تشير البيانات إلى أن 80.5% من السوريين يعتبرون الريادة "حاسمة" لإعادة الإعمار1، لكن الطريق لن يكون سهلاً. هذا التحليل يستند إلى تجارب 15 دولة خرجت من أزمات مماثلة، مع تركيز خاص على الدروس المستفادة من رواندا وكوسوفو والبوسنة.

لماذا الريادة؟ الأرقام لا تكذب

خلق الوظائف: في رواندا، ساهمت الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 41% من الناتج المحلي الإجمالي بعد الإبادة الجماعية عام 1994، ووفرت فرص عمل لـ80% من القوى العاملة5.


التنميط الاقتصادي: في البوسنة، تشكل الريادة 60% من الناتج المحلي و67% من العمالة بعد الحرب6.


التماسك الاجتماعي: في ليبيريا، زادت الشركات التي تقودها النساء بنسبة 25% بين 2008-2016، مما عزز الاستقرار المجتمعي8.


المشهد الريادي السوري اليوم: فرص وتحديات

يعمل حاليًا أكثر من 200 شركة ناشئة سورية1، 85% منها في قطاعات التكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية والصحة الرقمية. لكن المعوقات جسيمة:

نقص التمويل: 90% من الشركات الناشئة تعتمد على التمويل الذاتي.


بنية تحتية متداعية: 70% من مناطق سوريا تعاني من انقطاع الكهرباء لأكثر من 12 ساعة يوميًا.


عقبات تنظيمية: تستغرق عملية تسجيل الشركة 34 يومًا في المتوسط، مقارنة بـ3 أيام في الإمارات1.


الأولويات الاستراتيجية: ماذا يجب أن يفعل الرياديون السوريون؟

1. التركيز على القطاعات الحيوية:

الطاقة المتجددة: مع انهيار الشبكة الكهربائية، أصبحت حلول الطاقة الشمسية ضرورة. في أفغانستان، وفرت الشركات الناشئة في هذا القطاع 50 ألف وظيفة بحلول 20209.


الزراعة الذكية: 62% من الأراضي السورية صالحة للزراعة. مشروع TAGHEER في أفغانستان يظهر كيف يمكن لتدريب الشباب على التقنيات الزراعية رفع الإنتاجية بنسبة 40%10.


الصحة الرقمية: 55% من المراكز الطبية دُمّرت خلال الحرب. النموذج الروماني في تحويل الأزمات إلى فرص عبر التطبيب عن بُعد قد يكون ملهمًا12.


2. الابتكار في نماذج الأعمال:

الشركات السورية الناجحة اليوم تعتمد على نماذج هجينة تجمع بين الخدمات التقليدية والرقمية. شركة "دليفري هاب" (Delivery Hub) في دمشق نجحت في زيادة إيراداتها بنسبة 120% عام 2024 عبر دمج منصة إلكترونية مع شبكة توصيل تعتمد على الدراجات النارية1.

3. بناء الشراكات عبر الحدود:

شركة "نسيف" (Nsave) السويسرية التي أسسها أمير برودي السوري، جمعت 18 مليون دولار عام 2024 لتوفير خدمات مالية للمهاجرين، مستفيدة من شبكة العلاقات عبر الحدود1.

دروس عالمية: كيف نجح الآخرون؟

رواندا: من الإبادة إلى المعجزة الاقتصادية

الإصلاح المؤسسي: إعادة هيكلة البنك المركزي خلال عامين فقط من انتهاء الأزمة14.


التركيز على التكنولوجيا: 90% من المعاملات الحكومية أصبحت إلكترونية بحلول 202016.


إشراك المغتربين: استثمرت diaspora رواندا 500 مليون دولار في الشركات الناشئة بين 2000-20107.


كوسوفو: قوة المغتربين

من خلال "نافذة استثمارات المغتربين"، جذبت كوسوفو 74 مليون يورو عام 2024، مع إعفاءات ضريبية تصل إلى 50% للمستثمرين من الخارج15.

البوسنة: ريادة الأعمال جسر للانقسامات

على الرغم من الانقسامات السياسية، 38% من الشركات في سراييفو تعتمد على شراكات عابرة للجماعات الإثنية، مما خلق 12 ألف فرصة عمل مشتركة6.

أدوار أصحاب المصلحة: من يجب أن يفعل ماذا؟

الحكومة:

تبسيط الإجراءات: تخفيض زمن تسجيل الشركات إلى 7 أيام كحد أقصى.


حوافز ضريبية: إعفاءات لمدة 5 سنوات للشركات في قطاعات الطاقة والزراعة.


بنية تحتية رقمية: استثمار 200 مليون دولار في شبكة الألياف البصرية بحلول 2026.


المستثمرون:

صناديق متخصصة: إنشاء صندوق مخاطر برأسمال أولي 50 مليون دولار يستهدف الشركات الناشئة التقنية.


التمويل المبتكر: تبني نموذج "الإقراض القائم على الأصول" الذي نجح في زيادة تمويل المشاريع الصغيرة بأفغانستان بنسبة 65%9.


المجتمع الدولي:

منصات تدريب: تطبيق نموذج EDU التابع للأمم المتحدة الذي درّب 12 ألف ريادي في العراق والصومال2.


ضمانات ائتمانية: تكرار تجربة صندوق ضمان ائتمان كوسوفو الذي خفّض معدل الفائدة على القروض من 18% إلى 9%15.


المغتربون السوريون:

الاستثمار الاستراتيجي: توجيه 1% من تحويلات المغتربين (المقدرة بـ1.8 مليار دولار سنويًا) إلى شركات ناشئة.


نقل المعرفة: إنشاء برامج توأمة بين الشركات السورية وشركات المغتربين في أوروبا وأميركا.


الخلاصة: لحظة تاريخية لا تُضيّع

التجارب العالمية تثبت أن النهوض الاقتصادي يحتاج 7-10 سنوات في المتوسط، لكن سوريا قد تقلص هذه المدة إلى النصف إذا استفادت من:

الرغبة المجتمعية: 8 من كل 10 سوريين مستعدون للمخاطرة في مشاريع جديدة1.


التجارب السابقة: 73% من الرياديين السوريين لديهم خبرة عمل دولية1.


التحول الرقمي: 65% من السكان تحت 30 عامًا، مع معدل انتشار الهواتف الذكية 82%1.


الخيارات واضحة: إما الاستثمار في ريادة الأعمال كقاطرة للإنعاش، أو الاستمرار في دوامة المساعدات الإنسانية. التاريخ لن ينتظر.

المصادر:
1 Rising From the Rubble: Entrepreneurship in Syria Post-Assad (2025)
2 UNIDO & EBN Publication on Post-Crisis Business Ecosystems (2023)
5 World Bank Report on Rwanda's Post-Genocide Economy (2015)
6 Peace News Study on Bosnia's Inter-Ethnic Collaboration (2024)
7 Kosovo Credit Guarantee Fund: Diaspora Investment Window (2025)
8 World Bank Report on Women Entrepreneurs in Liberia (2025)
9 World Bank Agricultural Review: Afghanistan (2020)
10 TAGHEER Assessment on Afghan Youth Employment (2024)
14 IMF Report on Rwanda's Financial Reconstruction (2005)
15 Kosovo Diaspora Investment Program (2025)
16 Lund University Thesis on Rwanda's Economic Growth (2023)